أحلام فقط..

رجوع سريع


دققت الباب سريعا فلا وقت لدي

و دخلت الدار سريعا ، رغم أنها ضاقت علي، صارت لا تحتمل طولي و وزني الثقيل.

جلست فوق سرير صغير هو الآخر.

و بقرب السرير بعض من اللعب و رسوم معلقة على جدران حائط الحجرة الضيقة .

كانت أنفاسي تلهث من شدة الاضطراب ، و كم كنت أتوق للنوم و لو لدقائق طويلة ، فكم سرقت السباقات من نومي!

نظرت إليها و هي تنظر إلي بعينين لا تفهمان .

وجدت جمالا في عينيها و لو كانتا لا تفهمان

أبصرت يدها الصغيرة تمتد

تجفف بضعا من عرق يتصبب مني.

لم تفعل ذلك؟

أتخشى على حجرتها أن أفسدها عليها ، أم أنها ترثى لحالي ؟

لم أستطيع إمعان النظر فيها فقد كانت عيناها تدفؤني.

خفضك عيني لأترك لها فسحة اكتشافي و أنا بهذا الحجم المهول .

جلست بقربي و كادت تنطلق في سيل أسئلة لا تنتهي

لم تكن تفهم و لكنها في بحث دائم عن المعرفة .

تململتُ من مكاني

أزف الرحيل

أزف الرحيل مرة ثانية .

لم أطل الزيارة !

و هل أستطيع العودة مرة أخرى ؟

في كل مرة أعود فيها أتوه أكثر عن طريق هذا البيت الصغير المشرق

ترى لماذا أراه كبيرا كلما ضاقت علي الدنيا ؟!ّ

لم تفطن لشيء مما أنا فيه ، و ظلت تمعن النظر في لوحاتها الجميلة و في عرائسها ، خرجت لحديقتها الصغيرة و كادت تناديني لألعب معها .

هي تعلم أنها قد ماتت و بقيت حبيسة تلك الدار.

و كل ما عدت لزيارتها تعلم أيضا أني أغادرها سريعا و لا أطيل الجلوس

لست أمر سوى لأني أحتاجها.

و كلما مررت اكتشفت أنها تحتاجني أيضا لتحيي بي ذكريات ما قبل الموت.

لِم أفعل هذا بنفسي، فمن هذا الذي يزور موتاه كل آن ؟!

و لم أر في حياتها السابقة حياة أكبر من حياتي؟

تأملت كل شيء لبرهة .

لم تكن تملك شيئا البته

كل شيء كان لغيرها و هي تسكنه.

لم تكن تعرف حقوقا و ملكيات.

كانت تدخل لمكان جميل فتلعب في أفيائه و تستقر فيه.

و لم تفكر يوما في امتلاك شيء

فكل ما حولها كان ملكا لها كلما رأته أو لمسته

كانت الرسومات طفولية جدا.

لم تخيلتها أجمل منها حقيقة ؟؟

و السرير..

ليس بالخشبي العتيق كما ظننته!

إنه مثل سريري لكن حجمه أصغر.

و حجمها أيضا أصغر مني

و قلبها و عيناها .

لا أريد أن أبوح

لكنهما يبدوان لي أكبر من وزني الثقيل

صرت أخشى أن أكون أيضا ثقيلة.

ليس وزنا فقط

العبوس ثقيل على عالمها

لن أعود هكذا في المرة القادمة فكرت .

سأعود مبتسمة

لن أنسى !!

مهما كانت مشاكلي سأعود هنا أحمل شيئا في يدي و في قلبي و في عيوني.

نعم هذه قراراتي.

و لن أتراجع عنها.

أرجو حقا أن أعود .

و أن أقاوم كل من يعيرني بالتصابي.

سأعود للحظات فقط و لن أخبر من الناس أحدا .

و ربما نتبادل العيون قليلا لأرى عالما صغيرا كما تراه و لأجد كل الأشياء ملكي كما كانت .