بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
فقد درجَ الإعلامُ المصريُّ منذ أمدٍ ليس بالقريب على تشويه صورة "الملتزم المتدين" بشتى السبل والحيل ! وهو لازال يأتي هذا لغرضٍ بل لأغراضٍ خبيثة في نفوسٍ تقتُلُها الهزيمةُ النفسية وتحرّكُها أهواءٌ وشهواتٌ ومصالحُ شتى لا تتفقُ في الجملة إلا على وجوب تنحية المنهج الإسلامي القويم عن المشهد الإنساني بأى وسيلة كانت ! ..
وأول ما يمكنُ به محاربة أي منهج هو "تسفيه" رموزِهِ وتحطيمُ "قاماتِهِ" التي لها في نفوسِ متبعيه حشمةٌ وهيبة .. فإذا سقطت الرموزُ وضُرِبَت الرؤوس لم تعد للعوام مرجعيةٌ معتبرةٌ فلا يلبثُ كلُّ فردٍ أن تكونَ مرجعيتهُ إلى هواه وشيطانِهِ فيَضلُّ ويُضلُّ ...
ومنذ أن تفتحت عيونُنَا على الدنيا ونحن تتمُ برمجةُ عقولنا إعلامياً على صورٍ ممسوخةٍ مشوهة لهذا الملتزم فهو شخصٌ "منغلقُ" الفكر أحمقٌ رجعيٌّ, جاهٌلٌ أميٌّ لا يؤمنُ بشتى مظاهر التطور ولا يستخدم التكنولوجيا باعتبارِها "بدعة!" .. رثُّ الهيئةِ أشعثُ الشعرِ متسخُ الثياب كريهُ الرائحة, لا يولي لمظهرهِ أدنى اهتمام .. حادُ الطباعِ سليطُ اللسانِ .. يبغضُ النساءَ ويحقِّرُ من شأنهن, .. يحبُّ العنفَ ويكفِّرُ مخالفه لأدنى شبهة, فلا عقلَ لديه سوى ليغطيه بـ "طاقيته!" .. لا يفهمُ ولا يحاولُ حتى أن يفهم .. تثورُ ثائرتهُ لأتفه الأسبابِ وأحقرِهَا .. ولسانُ حالِ الإعلام يقول: هكذا يريدُ المتدينون لكم فاحذروا .!!
غير أن هذه الصورة ليست أقلَّ مسخاً وبشاعةً من صورتِهِ الأخرى التي يصورها الإعلامُ كذلك في مجموعةٍ أخرى من الأفلام والمسلسلات التي يظهرُ فيها المتدينُ غيرَ محترمٍ وغيرَ موقَّرٍ ولا قيمة له بين أقرانِهِ, فهو يرقصُ مثلهم, ويعبثُ مثلهم وينظرُ إلى النساءِ ويغازلهن مثلهم, يأكلُ أموال الناس باسم الدين, ويتاجرُ بآلامهم وآمالهم لأجلِ حطامِ الدنيا وربما يزنى ويسكرُ .. غيرَ أنه يتظاهرُ بالعكس ! فهو أفاكٌ منافقٌ في ثوبِ الزاهِدِ الورعِ .. ولا يخفى على الناظر الرسالة المقصودة من وراء هذه الصورة الأخيرة .. فهي تقول بلسان الحال: لا وجودَ لما يسمى بالمتدين إلا في الخيال السقيم .. فكلهم يا عزيزي كذبةٌ منافقون !!
لقد نجح الإعلامُ إلى حدٍ كبير في تثبيت هذه الصورة الممجوجة للمتدين في أذهان الكثيرين .. وتوارثتها الأجيالُ تلو الأخرى من أفلام عادل إمام ومسرحياته ومسلسلاته هو وغيره من أهل هذا الطريق وإن كان أبرزهم, وصارت كلماتُ القومِ وأفكارُهم كالقواعد والمسلمات بعد أن كانت في وقتٍ من الأوقات محل استنكارٍ واستهجان ..
إنه ما أسميه بـ"استرقاق العقول" .. فقاعدة اليهود الشهيرة: "ما تكرَّر تقرَّر" كفيلةٌ بزراعة أي فكرة مهما بلغت من النكارة والغرابة في عقول الجماهير من خلال الإلحاح والتكرار وتنويع الأساليب للوصول إلى المشاهد بطريقٍ يلتئمُ ومستواه العلمي والثقافي .. وبمثل هذه الوسائل الرخيصة يتمُّ تزييفُ الوعي ويستطيعُ قائدٌ أهوج كـ"هتلر" أن يزجَّ بالجماهير الألمانية في أتون الحرب على من عادى الجنس الآري الألماني رغم أنه في الأصلِ نسماويٌ لا ينتمي لألمانيا ! ..
د.إسلام طعيمة
موضوع: المتدين كما يصوره الإعلام ..! 
السبت 14 يونيو 2014, 11:50 am
