قال الدكتور القرضاوي :
" والحديث و إن كان في صحيح البخاري : إلا أنه من « المعلقات » لا من « المسندات المتصلة » و لذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده .... وقد اجتهد الحافظ ابن حجر لوصل الحديث ، ووصله بالفعل من تسع طرق ، و لكنها جميعاً تدور على راوٍ تكلم فيه عدد من الأئمة النقاد ، ألا و هو : هشام ابن عمار (النظر : تغليق التعليق – للحافظ ابن حجر : 5/17 – 22 ، تحقيق سعيد القزقي – طبع المكتب الإسلامي و دار عمار . ) . و هو – و إن كان خطيب دمشق و مقرئها و محدثها وعالمها ، ووثقه ابن معين و العجلي – فقد قال عنه أبو داود : حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها .
وقال أبو حاتم : صدوق و قد تغير ، فكان كل ما دفع إليه قرأه ، و كل ما لقنه تلقّن . و كذلك قال ابن سيار .
وقال الإمام أحمد : طياش خفيف .
وقال النسائي : لا بأس به ( و هذا ليس بتوثيق مطلق )
ورغم دفاع الحافظ الذهبي عنه قال : صدوق مكثر له ما ينكر (- انظر ترجمته في ميزان الاعتدال ( 4/302 ) ترجمة ( 9234 ) ، و في « تهذيب التهذيب » ( 51/11 – 54 ) . ) .
وأنكروا عليه أنه لم يكن يحدّث إلا بأجر !
ومثل هذا لا يقبل حديثه في مواطن النزاع ، و خصوصاً في أمر عمت به البلوى . " اهـ
قلتُ (القائل إسلام) مستعيناً بالله: وهذا فيه من الخلط والإضطراب مالا يحصى ! .. فإني ههنا لن أطيل النفس بالدفاع عن الحديث المعلق عند البخاري وبيان أنه صحيحٌ بشهادة الأئمة النقاد ... فهذا يستلزم رداً مفصلاً .. ولكل مقام مقال .. وإنما أرد على الشيخ بردود مختصرة ناجعة..فأقول:
* أولاً: هذا الحديث قد روي من طريقين آخرين غير التسع التي ذكرها ابن حجر في "التغليق" وليس فيهما الراوي "هشام ابن عمار" الذي حمل عليه الشيخ ! أحدهما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (جزء 3 صـ372) من طريق أبي بكر الإسماعيلي قال: وأخبرني الحسن أيضا , ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، ثنا بشر يعني ابن بكر، ثنا ابن جابر، عن عطية بن قيس قال: قام ربيعة الجرشي في الناس فذكر حديثا فيه طول، قال: فإذا عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قلت: يمين حلفت عليها , قال: حدثني أبو عامر، أو أبو مالك، والله يمين أخرى حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليكونن في أمتي أقوام يستحلون " ... وفي حديث دحيم: " الخز، والحرير، والخمر، والمعازف ... الحديث " اهـ
قلت (القائل إسلام): وهدا إسنادٌ متصلٌ ليس فيه هشام بن عمار !
والطريق الثاني: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (جزء 67 صـ189) أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل أنبأ أبو القاسم احمد بن محمد بن محمد الخليلي ببلح أنا على بن أحمد بن محمد الخزاعى نا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي نا عيسى بن ابن أحمد العسقلاني نا بشر بن بكر عن ابن جابر أنا عطية بن قيس الكلابي قال: قام ربيعة الجرشي في الناس فقال يا أيها الناس إن الله قد أحل كثيرا طيبا وحرم قليلا خبيثا ... حتى قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك والله يمين أخرى وما حدثني (5) أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف .. " اهـ
قلت (القائل إسلام): وهدا إسنادٌ متصلٌ أيضاً وليس فيه هشام بن عمار ! فإدا تبين دلك فلا عبرة أصلاً بتشغيب الشيخ حول هشام ابن عمار إذ الحديث موصول من طريقين غير طريقه ! وبهذا يسقط اعتراضه .. ولعل الشيخ –غفر الله له- لعدم تخصصه بالحديث لم يقف على هذين الطريقين .. فإن ذلك من خواص المحدثين.
يتابع ..